كل رئيس أمريكي يبالغ بعض الشيء ويحمل معه معظم البيت الأبيض حين يقوم بزيارة رسمية الى الخارج، إلا الرئيس الحالي باراك أوباما، فهو يزور الهند بدءاً من السبت 6-11-2010 وقد أعدّ في حقائبه العاصمة واشنطن بكاملها تقريباً.
طائرة ايرفورس وان الرئاسية
ومن الآن تبدو للعيان على ساحل مدينة مومباي حاملة طائرات أمريكية ومعها 33 قطعة بحرية لحراسة أوباما الذي يصحب معه 40 طائرة متنوعة وأكثر من 5000 شخص، بينهم 500 عنصر لحمايته المباشرة، وذلك من شدة القلق الهندي- الأمريكي عليه، الى درجة أن سلطات مدينة مومباي استدركت في آخر لحظة خطراً نباتياً من ثمر جوز الهند قبل يومين ولم يكن على البال، فأسرعت ووجدت له الحل المناسب أمس فقط، وفق ما رصدته "العربية.نت" من مراجعة المكتوب عن الرحلة في صحافة البلدين.
كل المذكور أعلاه، وغيره الكثير من غرائب وعجائب أول زيارة يقوم بها أوباما الى الهند، وتستمر 3 أيام في مومباي والعاصمة نيودلهي كبداية لجولة آسيوية تستمر 10 أيام، وارد في وسائل اعلام أمريكية وهندية تطرقت للزيارة ولاتزال تصفها بما لا يمكن تصديقه.
كلفة كل يوم يمضيه في الهند 200 مليون دولار كاديلاك باراك موبايل كأنها ثكنة
ومما تذكره وسائل الاعلام الهندية، وفي الخارج، معلومة لفتت انتباه "العربية.نت" قبل سواها، وتقول إن كلفة كل يوم يمضيه أوباما في الهند تبلغ 200 مليون دولار "لأنها أفخم ما عرفته الهند من زيارات رسمية لجهة البروتوكول والتنظيم اللوجستي الأمني حتى الآن"، بحسب تعبير صحيفة "هيدلاينز توداي" الهندية التي أيدت معلوماتها حول الكلفة صحيفة "ديلي ميرور" البريطانية، وكذلك محطة "إن.دي.تي.في" التلفزيونية الهندية أيضاً، مع أن الرقم يبدو من المبالغات الى حد كبير.
وقالت "هيدلاينز توداي" المعروفة بقربها من المخابرات الهندية، ان أوباما الذي ترافقه زوجته ميشال وابنتاه ماليا وساشا، سيصل الى مومباي على متن الطائرة الرئاسية "ايرفورس وان" الشهيرة لمن قرأ عنها بتعقيداتها وتطور أجهزتها الواضح في فيلم سينمائي أمريكي يحمل اسمها وأنتجوه في 1997 من بطولة الممثل الأمريكي هاريسون فورد، ومتواجد بعضه في موقع "يوتيوب" على الانترنت لمن يرغب.
ومع الطائرات العادية هناك 3 هليكوبتيرات أمريكية ترافق أوباما ليستخدمها في التنقل من مكان الى آخر، تتزعمها "مارين وان" المخصصة كهليكوبتر رئاسية لأوباما وحده، اضافة الى 6 سيارات مصفحة، أهمها "باراك موبايل" وهي ليموزين كاديلاك تحتوي في عالم السيارات على ما لم تره العيون ولا سمعته الأذن ولا خطر على القلوب العادية، لأنها مجهزة بما يسمح لها بصد ومقاومة أي هجوم قنبلي أو صاروخي عليها، بل وحتى كيماوي.
وفي السيارة التي اطلعت "العربية.نت" على تقرير ملخص عنها، مركز اتصالات نموذجي معقد يسمح لأوباما بالاتصال المباشر مع نائبه جوزيف بايدن، ومع من بقي في البيت الأبيض من مساعدين ومع قادة استراتيجيين بالجيش والمخابرات والأمن القومي وغيرهم، حتى إنها مجهزة بشيفرات سرية يلجأ اليها الرئيس الأمريكي لإصدار أوامر استخدام السلاح النووي في حالة تعرض الولايات المتحدة لهجوم مباغت.
والكاديلاك الرئاسية سعرها رخيص اجمالاً، فهو لا يزيد على 435 ألف دولار، لكن تجهيزاتها بالملايين، فهي محصنة بزجاج سمكه 13 سنتيمتراً تقريباً وأسفلها معزز بعوازل مصفحة ضد أي تفجير، وسائقها منتدب من المخابرات الأمريكية (سي.آي.إيه)، وهي مرتبطة بقمر اصطناعي مع مركز مراقبة يمكنه المساعدة من الولايات المتحدة لشغيلها في حالات الطوارئ، وهي بطيئة سرعتها القصوى 100 كلم بالساعة وتستهلك 10 ليترات من الوقود كل 28 كيلومتراً، ويصفونها اجمالاً بما يصفون به الطائرة الرئاسية: ثكنة عسرية وقاعدة مخابرات متنقلة بامتياز.
جوزة الهند.. جرحت وقتلت العشرات في مومباي جوز الهند خشبي الغلاف وقد يكون قاتلا
أما الخطر النباتي على أوباما، وهو جوزة الهند، فكان سيأتيه خلال زيارته لمتحف غاندي، المعروف باسم "ماني بهافان" في مومباي, والمتحف هو بين 5 أماكن سيزورها في المدينة، وهو محاط بأشجار عالية من جوز الهند، متداخل بعضها مع أشجار أخرى في محيطه المباشر.
ويوم الأربعاء الماضي أسرع المدير التنفيدي للمتحف، مغشيام آجغاونكار، الى تنبيه السلطات لما لم تلحظه وحدة أمنية هندية وأمريكية مشتركة زارت الموقع مرتين في أسبوع واحد ودرست أخطاره على كل صعيد، فأخبرهم مغشيام أن الخطر الأكبر على المتجول عادة بالمكان لا يأتي في معظم الأحيان من البشر، بل من ثمر الشجر.
وعزز طلبه التحذيري للسلطات بإحصاءات لديه تشير إلى أن زائرين للمتحف بالعشرات حملتهم جوزات هند، خصوصاً الثمرة اليابسة منها، الى المستشفيات وإلى المقابر بعد أن تساقطت من الأشجار على رؤوسهم وهم يتجولون بجوار المتحف، تماماً كما سيفعل أوباما حين يزوره مع زوجته وابنتيه يوم الأحد المقبل.
وثمرة جوز الهند الشبيهة بكرة قدم بيضاوية صغيرة هي ثقيلة نوعاً ما، فمعدل وزنها 150 غراماً تقريباً، وأخطر ما فيها وهي يابسة أنها تسقط أحياناً اذا ما رفرف بقربها طير بجناحيه، إضافة أن قشرتها سميكة وخشبية التكوين وببعضها نتوء كما المغرز، لذلك فحين تتهاوى من شجرة معدل ارتفاعها 30 متراً فإنها تتحول الى أداة قاتلة أو مسببة لتشوهات دائمة في الرأس على أقل تعديل، لذلك أسرعت مومباي واستنفرت 30 عاملاً طوال أمس الخميس بالذات فأزالوها جميعها من كل الأشجار.
من بعدها فالمخاطر أقل على أوباما في رحلته الى بلاد الشرق البعيدة، فمن الهند سيطير ليزور بلاداً أمضى فيها مع والدته بعض سنوات طفولته، وهي إندونيسيا المبتلية بتسوناميات وزلازل وثورات على مراحل تهب عليها بحمم 500 بركان، وسيجد أن أحدها المعروف باسم "جبل مورابي" ناشط منذ أيام ويهدد بمزيد من الغضب على منطقة جاوا الوسطى، لكن الرئيس الأمريكي سيكون بعيداً عن البراكين، فزيارته ستبدأ وتنتهي في العاصمة جاكرتا، ومنها سيغادر الى كوريا الجنوبية ثم الى اليابان، ثم تنتهي الرحلة في الصين.
حاملة طائرات لمنع التسلل من البحر إلى فندق أوباما لكن الهند "تبقى الخطر الأكبر على الرئيس الأمريكي وعائلته"، بحسب ما قالت "هيدلاينز توداي" التي أضافت أن الأمن الرئاسي الأمريكي أقام قاعدتين له في مومباي ونيودلهي للعمل كشبكة مزدوجة للمراقبة البانورامية "الجيوأثيرية" والاتصالاتية طوال الليل والنهار بلا توقف عبر قمر اصطناعي خاص بالأمريكيين، إضافة لاستنفار 30 كلباً في مجموعات، كل منها مدرب على استشعار نوع مختلف من الأخطار.
ولأن أوباما سيقيم في فندق تاج محل الشهير في مومباي، وهو مكون من 570 غرفة أرخصها 500 وأغلاها 1500 دولار، عدا الأجنحة، فقد تم حجزه بكامله له ولزوجته ولابنتيه ومساعديه وعناصر الأمن المقربين، لذلك توقعت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية حساباً عسيراً لأوباما بعد عودته الى الولايات المتحدة وقد صرف من المال العام خلال زيارة لخمس دول ما يزيد على مليار دولار، أكثر من نصفها على 3 أيام في الهند.
وقالت "ديلي ميل" إن قطع البحرية الهندية والأمريكية المبحرة حالياً في الواجهة البحرية المقابلة لفندق تاج محل في دوريات بالنهار وليلية، وأهمها حاملة الطائرات، هي لمنع أي تسلل إرهابي على الطريقة الأصولية بالدرجة الأولى، خصوصاً أن الفندق الذي تم بناؤه قبل 107 سنوات واجه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 مجزرة قضى فيها عشرات القتلى وأصيب المئات بجراح، معظمهم ممن كانوا يعملون فيه، وإلى بعض هؤلاء سيجتمع الرئيس أوباما في مومباي ليحدثوه عن معارك مع الإرهابيين عاينوها بأنفسهم في أروقة الفندق الشهير.
كما نقلت "ديلي ميل" عن صحف هندية أن عدداً قليلاً فقط من حراس أوباما سيسمح له بحمل السلاح الثقيل، وأن أوباما سيمضي يوم السبت يزور أرجاء الفندق الذي سينزل فيه، وفي اليوم التالي في مومباي سيلتقي أوباما وزوجته وابنتاه بطلاب أطفال وبالغين يتلقون علومهم في مدارس وجامعات بالمدينة التي يغادرها في نهاية اليوم نفسه الى العاصمة نيودلهي، حيث سينزل في "فندق ماوريا شيراتون" المحجوز منذ أسبوع وبكامله أيضاً، إلا أن برنامجه في المدينة مجهول معظمه حتى على المقربين.